قوى علمانية: التواضع في الفكر السياسي الحديث

جولي إي. كوبر Julie E. Cooper

محتويات الكتاب

صفحة الشكر

المقدمة

الفصل الأول: نحو تاريخ منقح للتواضع والاعتدال

الفصل الثاني: الاعتدال: هوبز عن إمكانية إنشاء البشر بأنفسهم إلهًا فانيًا

الفصل الثالث: التواضع: سبينوزا عن مناهج المحدودية

الفصل الرابع: عشق الذات: روسو عن إغراء الاكتفاء الذاتي الإلهي/ المقدس ومراوغته

الخاتمة: حكاية معتدلة عن الاعتدال النظري

الحواشي

المراجع

الفهرست

المقدمة: فصلان في تاريخ التواضع

يقصد المؤلف بالفصلين حديثي القديس أوغسطين والفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز عن فضيلة التواضع، فيتتبع ما بينهما من تواصل وانقطاع. فالأول يطرحها فير أن الكِبر بداية كل خطيئة وأبرزها الخطيئة الأولى في إطار “مدينة الرب” التي دفعها أوهام حول قدرات البشر تكشفت بعد أن أكل أدم وحواء من الشجرة المحرمة. وأهم هذه الأوهام الاكتفاء بالذات والسيادة على الذات. ولا يمكن لبشر أن يحققوا الرقي إلا بالتواضع للرب. وهكذا ففي التواضع والخضوع ارتقاء، وفي الكبر والغرور سقوط وتدني.

  والمقابلة هنا بين تعامل “مدينة الرب” و “مدينة الإنسان”، مع مقابلة التواضع/ الكبر، وما يترتب عليها من مقابلات وثنائيات، حيث يصل حب الرب في الأولى إلى احتقار الذات وحب الذات في الثانية إلى احتقار الرب، فالمقابلة هنا بين عبادة الرب وعبادة الذات. وإن توكيد كفاية الإنسان بذاته عند أوغسطين فيها انتزاع للسلطة الإلهية.

  أما الثاني، توماس هوبز، فيرى أن التواضع هو الاعتراف بأن كل البشر سواء. ويرى أن هذا الاعتراف شرط أساسي لتحقيق السلام لأن عدم المساواة هو سبب صراع القوة وتحقيق السلام يقتضي المساواة بين الناس. معنى ذلك أن العقل الذي يفرض السعي إلى السلام يقاوم بالضرورة الكبر وينبذه. فإذا كان لكبر ـــ أو الاقتناع الأرسطي بأن بعض الناس سادة بطبيعتهم وبعضهم عبيد بطبيعتهم ـــ تناقض السلام. وبالتالي، فإن التواضع أمر عقلي بامتياز. ويستخدم هوبز آيات كثيرة من الكتاب المقدس تأييدًا لقانونه الطبيعي الثامن عن المساواة وبالتالي معاداة الكبر والحث على التواضع.

  تقدم المؤلفة هذين الفصلين عن الكبر والتواضع لترجع موضوع كتابها وهو النقد العلماني للكبر إلى أصوله في القرنين السابع عشر والثامن عشر. وبذلك فإن مشروع الكتاب هو تأصيل نقد الكبر والمحاولات النظرية العلمانية لضم فضيلة التواضع وما يتعلق بها من فضائل إلى الدائرة العلمانية لأسباب تختلف تمامًا عن مشروع مدينة الرب عن القديس أوغسطين، وبالطبع فالدراسة هنا في إطار تاريخ الفلسفة، وكما تقول فغن هذا المسعى مهم لبقاء العلمانية في وقتٍ تتعرض فيه شرعية العلمانية وقابليتها للتطبيق الناجح لخلاف واضح. وهي تطرح السؤال المحوري التالي: ما معنى أن يكون الفرد/ المجتمع علمانيًا أو كيف نرى أنفسنا فاعلين سياسيين نمنح السلطة لأنفسنا؟ وتصرح المؤلفة أن غرضها النهائي من الكتاب هو أن دراسة هذه الحلبة التاريخية ستمكننا من فهم السياسات العلمانية بوصفها مشروعًا جمعيًا يدفعه تقدير قدراتنا وحدودنا، وليس كما يقول أتباع أوغسطين بأنها مضاربة في تعظيم الذات.

  تصف لمؤلفة كتابها بأنه يطرح أصولًا بديلة للذاتية العلمانية ومقولة نظرية عن مصادر الفاعلية العلمانية. ويسبق هذا الطرح عرض مختصر لتقاطع السردية التاريخية مع المقولة النظرية، وهذا هو موضوع الفصل الأول. وتقدم الفصول من الثاني إلى الرابع قراءة دقيقة لنصوص هوبز وسبينوزا وروسو لإثبات المقولة المحورية للكتاب من حيث مصادر القوى العلمانية ومداها.

  ولكل فصل مدخل إلى نموذج الفاعلية  المميز/ المستقل الذي يستخرجه الكتاب من النصوص ـــ وهو نموذج تعزز فيه معرفة “المحدودية” القوة البشرية. فيقدم هوبز، كما ترى المؤلفة، واحدة من أوليات وأقوى الحجج التي تثبت أن السياسة مجال من عمل الإنسان وتجعل الوعي بالمحدودية شرط الفاعلية الجمعية.

  وعلى مسار مشابه، تعكس اتجاهات سبينوزا نحو التواضع رؤيته الفردية الخاصة عن البشر بوصفهم من أشكال الطبيعة المحدودة. ويقول روسو إن المحدودية لا تفرض على البشر الضعف والتبعية. والغرض من هذه الأمثلة، كما هو واضح، إثبات أن المفكرين الثلاثة يقدمون نموذجًا مميزًا للفاعلية العلمانية.

  تزعم المؤلفة أنها بهذا تقدم تأويلات غير تقليدية لفكر هؤلاء الثلاثة الذين يعدون أعلام الفردية الليبرالية.

  وتقدم المؤلفة في الفصلين الثالث والرابع سردية تاريخية عن مكانة التواضع المتنازع عليها في الفلسفة الحديثة المبكرة، ويتركز التحليل على فكر سبينوزا عن مفهوم التواضع في الثالث، وعلى روسو في الرابع.

  تؤكد المؤلفة في الخاتمة على أنها قد استخلصت في كتابها طريقة جديدة آسرة لفهم التمكين البشري في إطار علماني، وهي تؤكد قناعتها بأن أوهام امتلاك القدرة على كل شيء تستنزف الفاعلية البشرية. وهذه الفاعلية البشرية هي الهم السائد في الكتاب كله، وهي هدف الخروج من الدوائر الأوغسطينية. وفي سبيل ذلك فهي تنتقد موقف نقاد الأسس الأوغسطينية من المنظرين العلمانيين الذين ينكرون السيادة الربانية، وفي الوقت نفسه يرفعون البشر إلى مستوى القداسة الإلهية. وتقول إن مسوغ العلمانية ليس الانتصار على الخرافة ولا قدرتها على استرداد كرامة الأفراد التي أهدرتها الإهانات التشككية الغيبية. وليست قيمة العلمانية مصدرها قدرتها على تقديم وعد بالتسامح؛ بل إن العلمانية تقدم رؤية آسرة للفاعلية الجمعية لا تضع الإنسانية في مركز الكون.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق

السلة

لا يوجد منتجات في سلة المشتريات.