النسبية والدين: لماذا لا تحتاج المجتمعات الديمقراطية إلى مُطْلَقات أخلاقية

سلسلة الدين والثقافة والحياة العامة

كارلو انفرنيتسي أتشيتي Carlo Invernizzi Accetti  

محتويات الكتاب

صفحة الشكر

المقدمة

  1. خطاب مناهضة النسبية في فكر الكنيسة الكاثوليكية السياسي.
  2. عناصر النقد العام لخطاب مناهضة النسبية الكاثوليكية
  3. العقلانية بين النسبية والدين
  4. الدفاع عن مفهوم نسبي للديمقراطية

الخاتمة

الحواشي

المراجع

الفهرست

ينطلق المؤلف من عبارة يقتبسها من الكاردينال عشية انتخابه بابا الكنيسة الكاثوليكية وهي “دكتاتورية النسبية” حيث يستنكر أن تكون النسبية الاتجاه الوحيد الذي يظن به موافقة العصور الحديثة. ويبرز هنا تعارض بين اتجاهين هما “النسبية” و”إيمان واضح قائم على عقيدة الكنيسة الكاثوليكية”. يتخذ المؤلف مما يوصف بحرب صليبية فكرية على “النسبية” بداية لطرح خطه الجدلي في العلاقة بين الدين والنسبية، فيقتبس من كتابات بروتستانتية إنجيلية ثم من معالم على الطريق لسيد قطب، رغم إقراره أن مفردة “النسبية” لم ترد في كتاب قطب. والنقطة المستهدفة، كما يتضح من العنوان الفرعي للكتاب، هي مسألة نسبية الأخلاق أو إطلاقها، ويبرز موقف المؤلف منها باستخدامه صيغة التأكيد بالسؤال عن المسوغات وليس عن القضية. وكان العنوان الفرعي ردًا على ما يرى أنه الرسالة الضمنية في كتاب سيد قطب، وهي أن “المجتمعات الحديثة تحتاج إلى مرجعية قيم دينية خالصة حتى تتفادى الفناء”.

  يرى المؤلف أن ذكر “الديكتاتورية” و”الشمولية” وغيرهما من المفردات لوصف النسبية له بع سياسي مؤكد في الخطاب الديني المعاصر المناهض للنسبية يترجم إلى مشروع لإعادة توكيد ضرورة وجود مرجعية “الحقيقة المطلقة”، ليس في مجال الأخلاق الفردية فقط؛ بل في لمجال العام للسياسة المعاصرة. وهذا البعد السياسي هو موضوع المناقشة في الكتاب كله.

  ينطلق المؤلف من اقتناعه بأن الدعوة إلى توكيد مرجعية فكرة الحقيقة المطلقة في السياسة المعاصرة هي إحدى حيثيات نقد مبدأ حكم الذات الديمقراطي، وهو كذلك ضمن الخطاب المناهض للديمقراطية، وبذلك يساوي المؤلف بين مناهضة النسبية ـــ حتى الأخلاقية أو لاسيما الأخلاقية ـــ ومناهضة الديمقراطية. وفي رأيي أن الكاتب هنا يلجأ إلى آلية معروفة في المغالطة المنطقية، وهي ما يسمى بمغالطة الإثبات بالحكايات الطريفة anecdotal fallacy، حيث يقول إن شكل الحكم الديمقراطي كان دائمًا يعد أحد أشكال الحكم “متدنية” القيمة، ويعود بهذا إلى التراث الأفلاطوني. وهو يرى أن هذا التراث الرافض للديمقراطية لم يزل قط. وهنا يقرر أن “الأهمية السياسية للخطاب الديني المعاصر المناهض للنسبية تنبع من داخل هذا السياق”. ويعتمد المؤلف في إثبات رأيه على تحليل كلمات رجال دين أهمهم بابا الفاتيكان، ويقول عن هدفه من هذا هو دراسة ها الخطاب وقياس مدى تماسكه وقوته. ويترتب على ذلك استكشاف التحدي الذي تواجهه النظرية النقدية المتمثل في ادعاء أن الأنظمة الديمقراطية تحتاج إلى أن تستند إلى مجموعة من الحقائق الأخلاقية أو السياسية المطلقة حتى تتجنب الانحدار إلى أحد أشكال الطغيان أو الشمولية.

  يقر المؤلف بأن كتابه هذا مشاركة في الجدل السياسي المعاصر حول معنى الديمقراطية وشروط مشروعيتها، ويقول إنه يتخذ موقف المراقب المحايد أو غير المعْنيّ، بل على العكس، فهو يعد نفسه من أنصار النسبية الفلسفية والالتزام الديمقراطي، وهذا سبب اهتمامه بدراسة التحدي الذي يواجه الديمقراطية متمثلًا في خطاب مناهضة النسبية المعاصر. ومن الجمل “الصادمة” أن المؤلف يستخدم مفردة تكاد تخرج بما يكتب عن إطار الكتابة الأكاديمية إلى لجدل الحزبي، وهي أن بكتابه بُعد هجومي/هجائي لإثبات خطوة الخطاب المناهض للنسبية ونفي فكرة الحاجة إلى قيم مطلقة، ويستخدم كذلك عبارة “موقف الخصوم”، كما يتمثل ذلك الخصم في السياق الغربي بالأساس رغم إشارته إلى العالم الإسلام المتمثل في فكر سيد قطب، ويجد ان المؤسسة الدينية الكاثوليكية هدفًا مناسبًا.

  ويتناول المؤلف، كما هو متوقع، قضايا المطلقات ومفارقة إطاحة الديمقراطية بنفسها وقصة ما بعد العلمانية بنبرة الجدل لحزبي نفسها، التي تخرجه أحيانًا فيما أرى عن الدرس الحقيقي لخطاب “الخصوم”.

  يتتبع الكتاب الخط المرسوم في صفحة المحتويات والذي يلتزم الترتيب الزمني في سياق ما يراه إثبات الحجة باللجوء إلى السرد المتحيز. فيقدم سرديته الأولى بعنوان “تاريخ الخطاب الكاثوليكي المناهض للنسبية”، وهو الفصل الأول. وكما هو متوقع، يتتبع المقولات الرئيسة لأعلام الكنيسة الكاثوليكية ويحللها ليثبت معاداتها الديمقراطية.

 الفصل الثاني “حيثيات نقد عام”

تقدم هذه الحيثيات على سردية الفصل الأول، حيث يعد خطاب الكنيسة الكاثوليكية ضمن عناصر الجدل العام حول الديمقراطية بعد عزلها عن القناعات الدينية التي ينطلق منها. وهنا يتخذ موقف التحليل العقلي غير المعني بطرف دون آخر، أي أنه يتخلى عن موقف التحيز الذي أعلنه، لكنه في هذا السياق ينأى بنفسه عن القناعات الدينية. ويتناول الفصل خمسة مصطلحات رئيسة بالتحليل في سياق لخطاب الكاثوليكي المناهض للنسبية: “النسبية”، “الحق”، “السلطة”، “الحرية”، “الشمولية”. ويجعلها في سياق النقد العام لنقد هذا الخطاب.

  يطرح الفصلان الأخيران من الكتاب استجابات محتملة للخطاب المناهض للنسبية من منظور ديمقراطي، كما يقول المؤلف. فيتناول الفصل الثالث الاستجابة السائدة في النظرية الديمقراطية المعاصرة القائمة على أحد أشكال العقلانية الكانطية الجديدة التي تتوافق مع الخطاب الكاثوليكي المناهض للنسبية وهي” إذا كانت الديمقراطية قائمة على النسبية فهي تهدم نفسها”.

 ولا يبعد المؤلف كثيرًا عن المعتاد إذ يلجأ مباشرة إلى هابرماس ورولز. ومفهوم هابرماس “التداوليات العامة اللغوية”، وبالتالي، “موقف الحديث المثالي” و”مبادئ العدل” التي يتفق عليها عقلًا مجموعة من الأفراد “العقلاء” في ظروف افتراضية “لموقف أصلي”. ويناقش المؤلف خط العقلانية الكانطية الجديدة بالإشارة إلى هذين المفكرين.

  وتصل السردية إلى بنيتها المنطقية وهي “الدفاع عن مفهوم نسبي للديمقراطية” وهو عنوان الفصل الرابع. ولا يزال هذا الدفاع في إطار الرد على الخطاب الكاثوليكي المناهض للنسبية. ويعتمد هنا على هانز كيلسن المنظر السياسي النمساوي الذي يصفه “بالعظيم”، رغم أنه يقول أن هذا المفكر القانوني والسياسي لم يتناول جوهر الاعتراض على الخطاب الكاثوليكي صراحة.

  يقدم هذا “الدفاع” تعريفًا للنسبية يتجاوز مشكلات التعريف الشائع التي عرضها في الفصل الثاني. ثم يبني على هذا التعريف تسويغًا لمفهوم محدد للديمقراطية يتضمن ثلاث مقولات يستقيها من كتابات كيلسن، تعبر عنها ثلاثة مصطلحات: “الحرية” و”المساواة” و”التسامح”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق

السلة

لا يوجد منتجات في سلة المشتريات.