عرض كتاب:

العلمانية وسياسات الدولة تجاه الدين، لأحمد كورو.

عرض ندى السيد

يشكل كتاب العلمانية وسياسات الدولة تجاه الدين، تشريحا دقيقا لإشكالية العلمانية من خلال نماذج تجريبية اختبارية تحاول رصد تطور مسارات العلمانية في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وتركيا، نعتمد في ذلك منهجية تحليل السياسات سواء الدينية أو التعليمية أو العمومية، ومركزا على قضايا التعليم والزي والتمدرس والمدارس الدينية وتمويلها.
ويعرض هذا الكتاب بالتفصيل الأسباب التي جعلت سياسات الدولة الأمريكية تتقبل الدين في الوقت الذي تمنع فيه السياسات الفرنسية والتركية ظهور الدين على المستوى العام، كما يستعرض الباحث عدداً كبيراً من الإحصاءات والدراسات التي تتحدث عن العلمانية في أكثر من 173 دولة في العالم، ومعدلات التنمية المقارنة بين الدول التي تعترف بدين رسمي، وبين الأخرى التي لا تعترف بدين رسمي لها.

يعبر الكاتب كورو في مؤلفه أهمية تعاظم دور الدين على الصعيد السياسي في مختلف أنحاء العالم المعاصر، ملاحظا تزايد الانتقادات إلى نظرية العلمنة (منهج السوق الدينية لدى كل من رودني ستارك ولورانس أيانا كون وأنطوني جيل كأحد النظريات المنافسة لنظرية العلمنة) في ظل عدم تراجع الاحتياجات الدينية الملحة لدى الأفراد؛ إذ يؤكد كازا نوفا خوسيه فشل هذه النظرية في التنبؤ ب:

– انحسار دور الدين (فقدان الإيمان وتضاؤل المشاركة الدينية).

– تكييف الدين وفقا للحاجات الفردية بالتزامن مع انحسار أهميته على المستوى العام.

ومن ناحية أخرى، يرى بيتر بيرغر أن نظرية العلمنة لا تملك سوى تفسيرين صالحين فحسب:

– الأول يخص العلمنة في المجتمعات الأوروبية من حيث تراجع المعتقدات الدينية وانحسار مشاركتها.

– الثاني ظهور نخبة علمانية عالمية تشارك في أسلوب حياة علماني في مختلف أنحاء العالم.

كما عرّج الكتاب على كل من هابرماس وراولز الذين أعادوا التفكير في الدور الذي يؤديه الدين على المستوى العام.

يبرز الكاتب بأن فرنسا وحدها من بين الحالات التي وقع اختيار البحث عليها(أمريكا وتركيا) هي التي شهدت إجماعا على وصفها بأنها دولة علمانية، ويرجع السبب في ما وراء الاختلاف بشأن الولايات المتحدة الأمريكية إلى دستورها الذي لا يشمل حرفيا على مفاهيم الدولة العلمانية أو الفصل بين الكنيسة والدولة، أما تركيا تكمن المشكلة في سيطرة الدولة على الإسلام وهو الأمر الذي يبدو شاذا بالنسبة لبعض الدولة العلمانية، كما يقر بتفرد كل دولة من حيث ظروفها الخاصة التي تحكم العلاقات القائمة بين الدين والدولة وهو ما يصعب إمكانية إجراء الدراسة المقارنة.

يختلف الكتاب عن الدراسات الاجتماعية والسوسيولوجية التي تهتم بقضية التدين المجتمعي والفردي وأنماطه، وعن الأعمال الفلسفية التي تنظر للعلمانية كرؤية للعالم، وذلك أنه يعتمد المقاربة التاريخية الرصدية التحليلية لمسارات تشكل التجربة العلمانية في سياسات الدولة من خلال النقاشات العمومية والأحكام القضائية والقرارات السياسية والنقاش القانوني والمخرجات التشريعية، مع رصد دقيق لاستراتيجيات الفاعلين نحو الدين في السياسات العمومية وفي المجال العام أيضا، مفككا أبعاد الخلافات وتأثيرها على نمط العلمانية في بنية الدولة الحديثة، كاشفا خصوصية التجربة ومحللا أنماط التفاعل بين الفاعلين وإيديولوجياتهم وتداعيتها على مسار علاقة الدولة بالدين.

ترصد هذه الدراسة المميزة ست سياسات من أكثر السياسات إثارة للجدل في سياسات الدولة الحديثة، وهي:

1- الملابس والرموز الدينية التي يعمد الطلاب في المدارس الحكومية إلى ارتدائها.

2- الشعائر التي يتم أداؤها في المدارس الحكومية.

3- التعليم الديني في المدارس الخاصة.

4- التعليم الديني في المدارس الحكومية.

5- التمويل الحكومي للمدارس الدينية الخاصة.

6- أداء شعائر الصلاة داخل المدارس الحكومية.

كما يؤكد الكتاب وجود تباين نوعي واضح بين سياسات الدولة إزاء الدين في الولايات المتحدة من جانب، وفرنسا وتركيا من جانب آخر. ففي أمريكا، يسمح للطلاب بإظهار رموزهم الدينية وأداء قسم الولاء للبلاد الذي يتضمن عبارة “أمة واحدة، إله واحد”؛ أما في فرنسا وتركيا، فنجد أن الدولة تنتهج سياسات تتناقض كليا مع هذا الموقف في ما يتعلق بهاتين النقطتين، وحتى في ما يتعلق بقضايا السياسة الأخرى، تسود لهجة إيجابية إزاء الدين في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى النقيض ترتبط التعاليم الدينية في المدارس التركية ارتباطا مباشرا برغبة الدولة في التحكم في مسألة الديانة، وبحظر التعليم الديني الخاص، في حين تقدّم الحكومة الفرنسية- على الوتيرة نفسها- التمويل للمدارس الدينية الخاصة طالما قامت هذه المدارس بالتوقيع على عقد يقضي بقبولها سلطة الدولة عليها.

يتضح من خلال الحالات الثلاث المدروسة -حسب الكاتب- وجود اتجاهين سلوكيين متباينين إزاء الدين في المحيط العام لكل منها؛ ففي الولايات المتحدة تسود نظرة رسمية عامة واضحة المعالم إزاء الدين، وهو الأمر الذي يغيب وجوده في النموذج الخاص في كل من فرنسا وتركيا؛ حيث تظهر عبارة “نثق بالله” على واجهة العملة الأمريكية، كما جرت العادة على أن يتضمن القسم الرسمي، بما في ذلك أداء الرئيس لليمين الدستورية، على عبارة “ليكن الله في عوني”، وغالبا ما يصاحب ذلك وضع اليد اليسرى على الكتاب المقدس، كما تستهل جلسات الكونغرس بتلاوة الصلاة، كما تفتح جلسات المحكمة العليا بدعاء “حفظ الله الولايات المتحدة والمحكمة الموقرة”، فمثل هذه الخطابات والشعائر الدينية العامة لا وجود لها في تركيا أو فرنسا.

يميز الكتاب من خلال طرحه لمقاربة تحليل أنماط العلمانية بين العلمانية الحازمة والعلمانية السلبية، إذ تؤدي الدولة في الأولى دورا سلبيا من خلال السماح بالرؤية العامة للدين، وهذه هي أيديولوجية الولايات المتحدة، أما في الثانية فدور الدولة هو نزع الدين من المحيط العام وهذه أيديولوجية فرنسا وتركيا؛ إذ تنشب في الدول العلمانية الصراعات الإيديولوجية بين فكرتين متباينتين حول نمط العلمانية بغرض رسم وتشكيل سياسات الدولة بصفة عامة في سياق ما يمكن أن نطلق عليه مسمى “العلمانية الحازمة” و”العلمانية السلبية”؛ حيث تتطلب العلمانية الحازمة من الدولة أن تؤدي دورا حازما إزاء استبعاد الدين من المحيط العام وحصره في نطاق المحيط الخاص، في حين تتطلب العلمانية السلبية أن يكون الدور الذي تؤديه الدولة دورا سلبيا يفسح المجال أمام فكرة ظهور الدين على المستوى العام؛ ومن هنا يمكن القول بأن العلمانية الحازمة هي عبارة عن عقيدة شاملة بينما تعطي العلمانية السلبية الأفضلية لموقف الدولة الحيادي حيال تلك العقائد؛ وهكذا يعتبر ظهور الأيديولوجيات وهيمنتها على العلاقات بين الدولة والدين إحدى العمليات المعقدة التي تتطلب تحليلا نوعيا للمسار التاريخي لكل حالة.

إن تناول العلاقات السياسية للأديان بالتحليل والدراسة خلال فترة بناء الدولة تحتل بصفة عامة المنعطف الحاسم الذي يوجد التبعية للمسار في ما يخص تفاعلات الدين والدولة؛ ففي بعض الحالات، يتحدد في إطار تكوين الدولة الحديثة أي نظام قديم على أساس التزاوج بيم النظام الملكي والهيمنة الدينية التي ينظر إليها من قبل الصفوة التقدمية على أنها إحدى العقبات التي تقف في وجه النظام الجمهوري الجديد؛ فالنتاج الرئيس للنظام القديم هو الحركة المعادية لرجال الدين أو المناهضة للدين نفسه، وينظر من يحملون في قلوبهم العداوة تجاه رجال الدين إلى الدين السائد على أنه أحد المصادر التي تقدم تبريرا لرفض النظام الملكي والمؤيد المحتمل لإعادته، فنجد أن المحافظين المتدينين يعارضون سحب اعتراف الدولة بدينهم؛ لأنهم يوّدون الحفاظ على الهيمنة لدينهم.

ومن ثم، ترى الدراسة أن النظام القديم يعد أساسا لعملية الاستقطاب بين المعارضين لرجال الدين والمحافظين،

بحيث يرتكز النظام القديم في وجوده أو غيابه على أربعة مكونات:

– نظام ملكي

– دين سائد

– تحالف بيم الاثنين

– حركة جمهورية ناجحة

إن غياب النظام القديم أو وجوده يعتبر عاملا أساسيا في الحالات الثلاث المدروسة، فقد أصبحت العلمانية السلبية والحازمة التي تكونت صورتها في الأذهان وعبّر عنها المثقفون في كتاباتهم لعشرات السنين، بمثابة أيديولوجيات مهيمنة خلال فترات نشأة الدولة العلمانية في الولايات المتحدة(1791-1776: من تاريخ إعلان الاستقلال وحتى التعديل الأول)؛ وفي فرنسا(1875-1905: من تاريخ صدور القوانين الدستورية في عام 1875 وحتى تاريخ صدور قانون فصل الكنيسة عن الدولة في عام 1905)؛ وفي تركيا(1932-1937: من تاريخ تأسيس الجمهورية إلى تاريخ التعديل الدستوري الذي يشدد على العلمانية بوصفها أحد المبادئ الدستورية)، وتعتبر هذه الفترات بمثابة منعطفات حادة حلّت خلالها الدولة العلمانية محلّ الأنظمة القديمة القائمة على العلاقة بين الدولة والدين، بل إنها تركت لنا إرثا أيديولوجيا ومؤسسيا مستمرا معنا منذ ذلك الحين. والمنعطف الحاسم هو اللحظة التي تتوافر فيها القوة والشروط الهيكلية اللازمة للتغيير النظامي، فهي الفترة التي تغلق فيها الاختيارات الباب أمام الخيارات البديلة، وتؤدي إلى نشأة مؤسسات تتولد فيها عمليات ذاتية الدعم غير مستقلة المسار.

في الحالات المدروسة، يشير الكتاب إلى أن المنعطفات الحاسمة جاءت في أعقاب وقوع الأزمات الهيكلية التي سببها نشوب حروب مثل: حرب الاستقلال الأمريكية(1775-1783)، والحرب الفرنسية-البروسية(1870-1871) وحرب الاستقلال التركية(1919-1922).

لقد أثر النظام القديم الذي ساد فرنسا وتركيا تأثيرا كبيرا في الخلفيات الأيديولوجية للحركات العلمانية والدينية، وعلاقاتها ببعضها بعضا، فالدين في كلا البلدين يعدّ دعامة أساسية للنظام الملكي، الذي جعل الصفوة الجمهورية تحمل روح العداء ضد الإكليروس؛ بمعنى أنّهم يعارضون النفوذ الذي يمارسه الدين على النظام السياسي والمجتمع؛ أما عند التطرق إلى الحديث عن النموذج الأمريكي، نجدها دولة حديثة المنشأ نسبيا تتألف من مجموع من المهاجرين الوافدين إليها، ولم يكن لديها نظام ملكي محلي ولا دين مهيمن؛ ولهذا السبب لم تنظر الصفوة الجمهورية إلى الدين على أنه حليف لنظام ملكي قديم، بل بدلا عن ذلك، كانت هناك طوائف بروتستانتية متنافسة لا تستطيع أي منها أن تدّعي أنها تمتلك الأغلبية.

لقد شكلت العلمانية الحازمة في تركيا ركنا أساسا لمشروع التحول نحو الغرب، والذي أعاق الثقافة التقليدية للجماهير من خلال استيعاب أسلوب حياة أوروبي جديد؛ أما فرنسا، فقد اتسمت العلمانية الحازمة بقدر أكبر من الفطرية، وهو ما يعزى إليه نجاح أنصار العلمانية الحازمة في ظل ديمقراطية متنوعة الأحزاب في فرنسا، في الوقت الذي كانوا فيه في حاجة إلى تطبيق النظم الفاشستية في تركيا. فعلى الرغم من الخلفيات التاريخية المتشابهة بين النظام القديم والأيديولوجية السائدة (العلمانية الحازمة) في فرنسا وتركيا، لا تزال الدولتان تختلفان في بعض خصائص الأنظمة القديمة بكل منهما؛ وهو ما أثر على مستويات الديمقراطية في كل منهما.

اتسمت سياسات الدولة إزاء الدين في الولايات المتحدة بمزيد من الاستيعابية عن نظيراتها السائدة في فرنسا وتركيا. يرجع ذلك في الأساس إلى أن العلمانية السلبية كانت هي الأيديولوجية السائدة في السابق. مع ذلك، فقد واصلت أمريكا اتباع بعض السياسات غير المتسقة والمتغيرة إزاء الدين بسبب الصراعات التي نشبت بين المحافظين والليبراليين، ووجهات نظرهم المتناقضة بشأن العلاقات بين الدولة والدين؛ حيث يفضل المحافظون عموما الصلاة المنظمة في المدارس الحكومية وتمويل الدولة للمدارس الدينية، في حين يسعى الليبراليون إلى بناء جدار فاصل بين الدولة والدين في ما يتعلق بهذه القضايا.

إن المحافظين والليبراليين ليسوا فئتين متجانستين على المستوى الأيديولوجي؛ فلكل واحدة منهما رؤى سائدة ومتطرفة. على الرغم من اتفاق تياري هاتين المجموعتين، وهما أنصار العلمانية الانفصالية وأنصار الاستيعابية على الإطار الأساس للعلمانية السلبية، فإن المتطرفين، واليمين المسيحي والعلمانيين الحازمين يميلون إما نحو هيمنة الثقافة المسيحية أو العلمانية الحازمة.

وهكذا تتصف العلمانية السلبية بأنها راسخة رسوخا تاما في معتقدات الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تركز الخلافات الأيديولوجية الرئيسة فيها على التفسيرات المختلفة لهذا النوع من العلمانية؛ الأمر الذي يجعل نموذج الولايات المتحدة الأمريكية يختلف عن نموذجي فرنسا وتركيا، وهما البيئتان اللتان تدور فيهما صراعات أيديولوجية بين العلمانية الحازمة والسلبية.

بالمقابل يختلف النموذج الفرنسي عن نظيره الأمريكي، إذ ينتهج النموذج الفرنسي سياسات إقصائية ضد الدين، ولا سيما في المدارس؛ حيث نجد أن سياسات الدولة في فرنسا إزاء المسلمين، بما في ذلك، السياسات ذات الصلة بقضية ارتداء الحجاب هي بمثابة انعكاس لهذا التوجه في السياسة العامة، ثم إن هذه السياسات المتشددة هي نتاج للصراعات بين أنصار العلمانية الحازمة المهيمنة وأنصار العلمانية السلبية الذين يقفون أمام موقف التحدي.

تشكل العلمانية الحازمة في فرنسا جزءا من مشروع جمهوري فرنسي ضخم يهدف إلى إيجاد هوية متجانسة ومحيط علماني عام. وقد احتلت قضية ارتداء الحجاب موضعا فريدا في الأوساط السياسية في فرنسا. قبيل ظهور الجدل المثار حول ارتجاء الحجاب، قاد السياسيون اليمينيون حملة انتقادات واسعة على العلمانية الحازمة، واختلفوا مع اليساريين في هذا الشأن، بيد أن الجدل المثار حول الحجاب أوجد تحالفا غير مسبوق بين اليمين واليسار وظهر هذا بجلاء في الصحافة الفرنسية، وذلك نتيجة لروح العداء التي يكنّها اليمين تجاه الإسلام ورفضه الهجرة الوافدة.

لقد اختلفت التجربة الفرنسية اختلافا واسعا عن مثيلتها في أمريكا، حيث جاءت العلمانية نتاجا لإجماع متشابك في الرأي بين المجموعات العلمانية والدينية. يقدّم الاختلاف التاريخي تفسيرا للتطورات الأيديولوجية وتوجهات السياسة العامة المتناقضة في كلتا الحالتين، كما تشير المسارات التاريخية المتوازية إلى وجود أيديولوجيات وسياسات متشابهة في فرنسا وتركيا. على الرغم من ذلك، كانت سياسات الدولة في فرنسا تتسم بقدر أقل من الإقصائية إزاء الدين مقارنة مما اتسمت به نظيرتها في تركيا. يعزى السبب الرئيس في ذلك إلى أنّ العلمانية الحازمة في فرنسا تأسست في إطار الديمقراطية التعددية، وكانت بدعم شعبي كبير، بينما جاءت العلمانية في تركيا نتاجا لحكم الحزب الواحد، وحافظت عليها القوى العسكرية والقانونية صاحبة السلطة في مواجهة المطلب الخاص برجال السياسة المنتخبين على أساس ديمقراطي، والذي تحدد في حرية ظهور الدين على المستوى العام.

لقد كانت سياسات الدولة التركية إزاء الدين، خاصة في المدارس على قدر أكبر من الناحية الاقصائية من السياسات الأمريكية. كما كانت السياسات التركية أكثر تقييدا من تلك الموجودة في فرنسا نتيجة وجود تركيبة من الأيديولوجية العلمانية الحازمة وسلطة الجيش والقضاء الشبه فاشستية في تركيا.

فضلا عن هذا، دافع الكماليون عن هيمنة العلمانية الحازمة القائمة، وهو ما نتج عنه سياسات إقصائية ليس إزاء الإسلام فحسب، بل أيضا إزاء كل الأديان الأخرى. يأتي هذا في الوقت الذي دافع فيه المحافظون عن العلمانية السلبية كأحد البدائل المتاحة؛ ومع ذلك تسود حالة من التوتر بين الهيمنة الأيديولوجية للعلمانية الحازمة على مؤسسات الدولة والطابع الديني الكبير للمجتمع وهو ما كان سببا في إحراز المحافظين ممن راعوا مطالب المجتمع التركي في ما يتعلق بأمور التعليم الديني وظهور الدين على المستوى العام، أغلبية ساحقة من الأصوات الانتخابية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق

السلة

لا يوجد منتجات في سلة المشتريات.